السبت، أغسطس 07، 2010

الفتوى والتخصص

التحدث فى أمور الدين يعد من الأمور الحساسه التى يجب أن نكون حذرين عند تناولها. فى المصرى اليوم مقال لدكتور متخصص فى أمراض النساء والتوليد ينتقد فيها فتوى أصدرتها أستاذه فى الشريعه تجيز فيها الصلاة والصيام للمرأة النفساء نتيجة عملية قيصريه. وقد استنتج الطبيب أنها بنت فتواها على افتراض خاطىء أن مصدر الدم فى حالة العملية القيصرية يأتى من الجرح الذى يحدثه الجراح لإخراج الطفل بينما مصدر الدم فى القيصرية هو الرحم كما فى الولادة الطبيعيه تماما.
إذن كان على المفتية أن تسأل متخصص قبل أن تجيب على السؤال. الفتوى الآن فى ظل تقدم العلم لا تحتاج إلى عالم بالشرع فقط ولكنها تحتاج إلى مجموعه تضم متخصصين فلا أتصور عالم بالشرع يفتى فى موضوع الأسهم والسندات وأمور التجارة المستحدثه دون أن يرجع إلى إقتصادى مسلم مشهود له بالنزاهه ولا أتصور الإفتاء فى أمور النساء دون الرجوع إلى أطباء مسلمين ثقات.
لماذا لا نسمع كلمه لا أعلم التى كان يقولها كبار الفقهاء ولماذا التسرع فى إصدار الفتاوى. إذا كان ولا بد من الفتاوى عن طريق البرامج الفضائية فلماذا لا تكون هناك حلقه للأسئلة وحلقه تالية للإجابة عنها. إن الأناه هى أحد صفات المؤمن وإذا كانت لا تتوفر فى عالم الدين فالباب مفتوح لكل متعجل يريد أن يفتى بحجة أن من أخطأ له أجران.
سُئل الإمام مالك عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري فهل علمائنا اليوم أفقه من الإمام مالك أم انها جرأة على الفتوى
إذا كان العلماء لا يتورعون عن الفتوى فعلى الأقل لا بد من توعية الناس لتحرى مصادر الفتوى
لنبتعد عن كل عالم يتجرأ على الفتوى بدون علم وأحسب أن الكثيرين منهم لا يعلمون المعنى الحقيقى لكلمة العلم فهى لا تعنى العلم الشرعى وحفظ كتب الفقه والقدرة على سرد ما جاء فيها ولكنه العلم بكل ما تتطلبه الفتوى من علم شرعى وعلم مادى دنيوى يفوق قدرة عالم الدين أحيانا ولا بد من الرجوع فيه لمتخصص
إذا كانت العشوائية هى السمة الغالبة فى حياتنا فلا بد أن تكون أمور الدين فى سياج يحميها من هذا التخبط
علماء المسلمين هم الذين وضعوا أسس البحث العلمى الحديث وسيرتهم فى جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دليل ووضعهم لأصول علم الفقه التى لا يستغنى عنها أى مفتى تنطق بعقليتهم العلمية المنظمة والتى للأسف نفتقدها فى بعض من يدعون انتسابهم للعلم الشرعى
لنبدأ بأنفسنا وبمن نعرف فلا نستهين بأمور الدين ولا نسأل إلا من نعرف فيه التريث والعلم
كل عام وأنتم جميعا بخير
اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه

السبت، مايو 15، 2010

الثلاثاء، مايو 11، 2010

وقفه حازمة

أفتح الريدر لمتابعة مدوناتى المفضلة فلا أصدق ما أرى وأفهم على الفور ما حدث. صدمتى تفوق الوصف. لقد قام أحد الأشخاص الذى أقل ما يوصف بأنه من شياطين الإنس بالدخول على مدونة روح قلب ماما (مدونة فاتيما). حاولت مسح البوست القذر الذى كتبه ولم أعرف فقمت بالغاء المدونة من على الريدر. البوست هو محاولة فاشلة للنيل من مدونة ناجحة وتشويه مشاعر انسانية راقية. فاتيما غنية عن التعريف وما حدث لها يمكن أن يحدث لأى مدون .نريد جميعا أن يبقى عالم التدوين نظيفا ولذلك أدعو جميع المدونين لمساندة فاتيما وللإبلاغ عما حدث للشرطة فلا بد أن لديهم من الوسائل ما يمكنهم من ملاحقة مثل هذا الشخص وايقافه. التصدى بحزم لمثل هذه الاختراقات لعالم التدوين هو الضمان الوحيد لبقاء عالمنا نظيفا كما نريده

الجمعة، أبريل 30، 2010

إنها لقمة

- تذهب إلى المطبخ لتفعل ما يسعدها ..انه الطعام ستأكل وستشعر مع كل لقمة انها سعيدة ستمضغها ببطء لتستمتع بها وستبتلعها وتبتلع معها آلام كثيرة لا تستطيع أن تسكنها أقوى المسكنات ..تنتهى من الطعام فتشعر بالذنب فقد أصبحت سمينة جدا ولكنها لا تستطيع التوقف ولا تستطيع أن تواجه سبب الآلام ولا أن تتخلص منها...
- جلست إلى المائدة تنظر إلى الطعام فلا تشتهيه ..يأكلون ولكنها لا تستطيع أن تأكل ...آلامها النفسية تجعلها لا تستطيع أن تبتلع ولا أصغر لقمة..تحاول وتحاول وتنتهى وقد أكلت لقيمات قليلة مجبرة...تفقد وزنها ومع الوقت تفقد نفسها...لا تستطيع أن تواجه الأخرين ولا تستطيع أن تعيش إلا الحياة التى فرضوها عليها..هى لم تعد هى..أصبحت أخرى لا تعرفها
- يجلس إلى المائدة ليفكر انها ربما تكون أخر لقمة يأكلها ...من يدرى؟..الحياة تنتهى فى لحظات..يسيطر عليه الخوف من الموت وتهاجمه الوساوس..سيموت قريبا..يخاف ..يعلو صوت الوساوس فى عقله ...يعيد الطعام إلى المطبخ ويذهب ليحاول أن ينام
- تذهب إليه بالطعام وهى تتمنى أن يمتدح مهارتها فهى تحاول أن تسعده بشتى الطرق ولكنه يأبى أن يرضى..يحدثها دائما عن فشلها ..يأكل دون أن يتكلم فهى تفعل ما يجب عليها فلماذا تنتظر شكرا أو مدحا..ساذجة هى ..فى النهاية هى لقمة تسد جوعه والجوع خير مشهى ..هكذا دائما يقول..

---------------------------------
أعتذر لقراء مدونتى عن عدم تعليقى فى مدوناتهم نظرا لضيق الوقت ولكننى أتابع باهتمام كل ما تكتبون فأرجو أن تلتمسوا لى العذر

الأحد، أبريل 11، 2010

متعة التعلم


.
وصلنى الرابط المؤدى لهذا الفيلم على الايميل
يمكنك أن تقارن بين استيعاب طفلك لدرس ملل فى التاريخ وبين استيعابه لفيلم كارتون بكل تفاصيله الصغيرة التى من الممكن الا يلحظها الكبار. الفارق هو أن فيلم الكارتون يستطيع أن يأسر انتباه الطفل ويجعله فى قمة تركيزه فيصبح كالكاميرا التى تسجل كل ما تراه بتفاصيله. الفارق هو متعة التعلم ..أصبح التعليم فى مصر مقترنا بالتعذيب للطفل وأسرته وفى النهاية المحصلة لا تتناسب مطلقا مع الفقد المادى والجهد البدنى والمعنوى.
-تطوير التعليم يبدأ بأن نضع على رأس الوزارة من يعرف معنى قيمة العلم ومتعة التعلم ويستطيع أن يعيد إلى مدارسنا دورها الذى عايشناه فى السبعينات فأنا كجيلى لا أتذكر اننى كنت أحتاج إلى من يجلس معى لاستذكار دروسى بل اننى لم أعرف معنى الواجبات فى المرحلة الابتدائية فقد خصصت المدرسة وقتا لأداء الواجبات فى نهاية اليوم الدراسى
ما فعله الوزير الجديد فى مدرسة الخلفاء الراشدين يحمل معه علامات منذرة بانه الشخص غير المناسب والأسوأ أنه قد كشف عن مدى سطحية تفكير نسبة لا بأس بها من الشعب المصرى فالمهللون لما فعله الوزير لم يستطيعوا إستيعاب مدى الإهانة التى وجهها الوزير لمدير المدرسة والمدرسون ومدى ما تنطوى عليه هذه الإهانة من خطورة وماتحمله من دلالات عدم فهم الوزير لأبجديات المنصب الذى تولاه فمنصب وزير لا يعنى أنه الحاكم بأمره .
تغيير التعليم يعنى تغيير منظومة متكاملة أثبتت فشلها وتأخرها عن العالم بعشرات السنين
هذا الفيلم على بساطته يثير فى النفس الشجون ويجعلنا نشفق على طلابنا الذين نكرههم على تعليم سطحى يقوم على فلسفه مفادها احفظ...اكتب كل ما تعرفه عن...انسى..كبر دماغك ...بلد شهادات صحيح

السبت، أبريل 03، 2010

خلف جدران الصمت-4

اقتربت منها ايمان تحاول معرفة ما بها وان كانت تشعر انه لا شىء يبكيها الا تلك الذكرى

تكلمت وسط دموعها

النهاردة قابلت ايناس اللى كانت معانا فى الدفعة وقالتلى انها حضرت حفلة خطوبته ..شفتى يا ايمان الوهم اللى انا عشت فيه

اشارت لها ايمان انها يجب أن تنسى

- انسى ايه أربع سنين وهو معيشنى فى حلم جميل ..مش ممكن هرتبط بغيرك يا ندى..بس نخلص دراسة واحنا هنتخطب علطول ..وكلام كتير مش عايزة افتكره ..عيشنى فوق النجوم وفى لحظة رمانى على الارض ومن غير مايفكر ايه اللى جرالى ..اربع سنين وانا مش شايفه غيره ...كل ده انتهى برسالة موبايل ..انا آسف أهلى مش موافقين انى اخطب دلوقتى ومش قادر أعارضهم..

بالبساطة دى حتى مكلفش نفسه يكلمنى وكأنى مستاهلش مكالمة

- انتى كده بتعذبى نفسك

- طب اعمل ايه قوليلى ..انا فقدت الثقة فى نفسى وفى الناس ..كل يوم بسأل نفسى مية سؤال ليه؟؟؟ فيه ايه عملته ؟؟ طب ايه كان لازم اعمله ومعملتوش ..يمكن كنت على طبيعتى اكتر من اللازم.. يمكن كان المفروض أمثل شوية وأدلع شوية ... يمكن لانى كنت مصممة معملش أى شىء الوم نفسى عليه بعد كده... كل يوم الصبح أبص لنفسى فى المراية واقول اكيد عنده حق..كل ما اشوف بنت أجمل أسأل نفسى ..هل لو كنت شبهها كان برضه سابنى؟؟ طب لو كنت ..

وضعت ايمان يدها على فم ندى لتمنعها من أن تكمل واحتضنتها لتواصل ندى البكاء. وكما بدأته فجاة توقفت فجأة وأشارت انها ستذهب لتغسل وجهها ثم عادت بعد قليل وأشارت لايمان لتجلس أمام الكمبيوتر لتكتب التعليق

ادرات ندى ظهرها وهى تحدث نفسها

- مش ممكن هسمح ان حد يحطمك زى ما انا اتحطمت

كان قلقا طوال اليوم يخاف الا تأتى لإعادة الكشف كما يفعل بعض المرضى... كان يتمنى أن يمضى الوقت سريعا ولولا أنه تعلم أن ينحى مشاعره جانبا وهو يمارس عمله ما برحت تفكيره طوال اليوم.

كان معتادا على نظام محدد للعيادة المسائية ..أن يبدأ بالمرضى الجدد ثم مرضى المتابعة ولكنه فى هذا اليوم طلب من الممرضة أن تدخل أى حالة للمتابعة بمجرد وصولها

مرت ساعة وهو يعمل محاولا أن يتناسى ولكنه كان يشعر بكل دقيقة فمرت الساعة كأطول ما يكون

وأخيرا أعلمته الممرضه بان المريضة القادمة "إعادة كشف" وكانت هى

بدت كالزهرة ترتدى فستانا أبيض مزين بورود صغيرة وما ان رآها حتى اتسعت ابتسامته فنظرت اليه الممرضة نظرة ذات معنى

رحب بها وبأمها ..كانت عينيها أفضل ..اختفت الحمرة والتورم ..انتهى من الكشف عليها وأخبرها انها يمكن الآن أن تستغنى عن الأدوية

- الحمد لله شكرا يا دكتور ربنا يبارك فيك يا ابنى

- على ايه يافندم دا واجبى ... التفت إلى إيمان يحدثها

- مدونتك جميلة جداا

لم تكن أمها تعرف انه دخل الى المدونة ولكنها بدت سعيدة

- مش ايمان موهوبة يا دكتور ..ايه رأيك؟؟

- موهوبة جداا وبتكتب باحساس عالى

- أنا عرفت انك بتدى كورسات فى لغة الإشارة ..ممكن أعرف اسم الجمعية وعنوانها؟

أشارت لها أمها أن تجيب الطبيب

ولكنها لم تستطع أن تتحدث أمامه بلغة الإشارة ..لأول مرة تشعر انها تكره اختلافها ..تمنت لو استطاعت أن تحدثه كما يحدثها

أخرجت ورقة وقلم من حقيبتها وكتبت اسم الجمعية وعنوانها ورقم التليفون

كان لديه شعور غريب فهو لا يريد أن يتكلم ..يريد فقط أن يخبرها بكل ما يشعر به دون كلام

لم يستطع أن يطيل الجلسة فهو يعلم أن مرضاه ينتظرونه ولا يريد أن يحيد عن مهنيته مهما كانت الأسباب

ودعهما وهو يأكد أنه سيتابع المدونة فقد أصبح قارئا مستديما لها

انهى عمله وقد اعتزم ان يقترب منها أكثر ..سينفذ ما انتواه مهما كانت العقبات

--------------------------------------------------------------------

خلف جدران الصمت-1

خلف جدران الصمت-2

خلف جدران الصمت-3


الاثنين، مارس 22، 2010

مارس أخر

- فتحت خزانتها لتضع الهدية فى مكانها المعتاد..انها الهدية الخامسة واليوم هو عيد الأم الذى تحتفل به على طريقتها ..فقدت أمها فى مثل هذا اليوم منذ خمسة أعوام ..جلست إلى صورتها لتحدثها عما آلت إليه الأحوال...أنا السنة دى فى سنة رابعة يا ماما كلها 3 سنين وهكون دكتورة زى ما كنتى بتتمنى ..بنجح بامتياز لأنى عارفة أن امنيتك أنى أكون دايما متفوقة بس الفرحة بعدك بقت حزينة قوى ...أنا قوية كل أيام السنة بس النهاردة مش قادرة ...يوم واحد أقولك فيه ان بعدك أنا بقيت بدون حضن يحمينى من قسوة الناس من بعدك العالم بارد ...بحبك بس مارس مبقاش مارس الربيع والدنيا الجميلة ..مارس بعدك بقى مارس أخر
----------------------------------------------------------
- دخلت إلى حجرتها لتتأمل نفسها فى المرآة ..لم تعد تتبين ملامحها ...اليوم هو عيد الأم ...فى شهر مارس العام الماضى أهداها قلادة صنعت لها خصيصا تحمل نقشا جميلا"أحبك يا أمى" ..لم تنزعها قط فقد كان هو من البسها إياها ..ما زال صوته فى أذنيها ومازالت صورته فى عينيها ..وحشتنى يا حبيبى ...مارس بعدك بقى مارس أخر
--------------------------------------------------------
- قالت لها زميلتها فى الفصل" بابا هياخدنى نشترى لماما هدية وتورته وهنعملها مفاجأة" ..ردت " يا بختك ..احنا هنعمل حفلة فى الدار وهنشترى هدايا لماما أميرة"...بعد انتهاء الحفلة ذهب الجميع إلى حجراتهم ..سكنت الدار أما هى فلم تنم فما زال يهاجمها ذلك الحلم المستحيل ...انه يكون لها بابا وماما حقيقيين...هى بتحب ماما أميرة لكن كان نفسها تكون زى صاحبتها لها بيت وبابا وماما..منذ وعت على العالم وهى تعرف أن بابا وماما ماتوا أما هى فأحضروها لتعيش فى الدار أيتام..الدار جميلة لكنها ليست كبيت أصحابها فى المدرسة...حتى عيد الأم عندها غير عيد الأم عندهم ...عندها مارس هو مارس أخر
------------------------------------------------------
- دخل الحجرة ليجد كل شىء كما تركته الغالية ...خمسة أيام مرت وهو لا يستطيع أن يخطو إلى داخل الحجرة ...ما زال يلوم نفسه ...أنا اللى قتلتها لو مكنتش غفلت وأنا سايق مكنش حصل كده ثم يعود ويستغفر ربه ويتذكر أنه أجلها ...يقتله سؤال الصغار عنها وبكاء طفله الرضيع ...يتذكرها والدماء تسيل من رأسها والرضيع فى حضنها لم يصب بخدش واحد فقد حمته بجسدها فقد كانت أمًا حتى اللحظة الأخيرة ...ما زال فى مرحلة الذهول ...أربعة صغار ترحل أمهم فجأة ...ذهبت الزوجة والأم...فى العام الماضى فى مثل هذا اليوم يتذكر فرحتهم والتورته الجميلة التى اشتراها نيابة عن الصغار والضحكات التى كانت ترن فى أرجاء البيت ...هذا العام مارس هو مارس أخر
( فى الأربعاء الماضى فقدنا طبيبة شابة ..زوجة زميل فى حادث مؤلم فى طريق عودتهم من جدة..رحمها الله دُفنت فى البقيع ..تركت أربعة أطفال أكبرهم توأم فى الصف الثالث الابتدائى...نسألكم الدعاء لها بالرحمة ولزوجها وأهلها بالصبر )
------------------------------------------
- الإطار الفارغ ما زال فارغا ومازالت الأغنية تٌبكيها ولكن الجديد أنها تلقت هدية فى عيد الأم من صغيرة جميلة ....نغم الصغيرة أهدتها هدية فمارس هذا العام أصبح مارس أخر

الجمعة، مارس 12، 2010

لقد كنت هناك

تزوجت بعدما أكملت عامى التاسع والثلاثين مما يعنى أننى كنت لمدة حوالى تسع سنوات فى مربع العنوسة، لو أننا عرفنا العانس على أنها الفتاة التى بلغت الثلاثين ولم تتزوج بعد. حينما تتعرض لخبرة معينة ثم تتحدث من واقعها يقولون فى الغرب "أننى كنت هناك" أى اننى خضت التجربة وأستطيع أن أتحدث عنها الآن بعد أن أحجمت عن الحديث عنها طوال عمر المدونة. يرجع احجامى عن الكتابة لخوفى من أن تنحصر التعليقات ما بين الدعاء لى بابن الحلال أو التعليقات المشفقة والتى تجرح من حيث لا تدرى وربما لا يقصد أصحابها. وبما اننى كنت هناك فاسمحوا لى أن أقول لكم ارفعوا ايديكم عن الفتيات اللاتى لم يتزوجن رحمكم الله.
بداية فهناك افتراضات خاطئة من المجتمع وهى ما بين
- اذا كانت الفتاة جميلة فان الافتراض الفورى أن العرسان المناسبة قد طرقت أبوابها ولكنها بالتعبير العامى "بتتأمر" يعنى المحروسة فاكرة نفسها أميرة ولازم تتجوز أمير
- اذا كانت عادية شكلا أو أقل فانهم يفترضون تلقائيا أن أحدا لم يطرق بابها يعنى "بايرة ومحدش عبرها"
- لو كان أهلها لا يرتضون لها الا شخصا يناسبها ويحافظ عليها ويرفضون أن تتزوج والسلام فانهم "موقفين سوقها" مسكينة
ويتبرع الجميع طبقا لهذه الافتراضات باقتراح حلول بدون أن يطلب منهم أحد ولا تخلو الحلول من بعض الكلمات التى لا تمر على الفتاة وخاصة اذا كانت حساسة مرور الكرام ربما باتت ليلتها باكية من قسوة المجتمع الذى لا يرحم وكلماتهم ترن فى اذنيها " يا اختى اتجوزى ولو طلع وحش ابقى اطلقى اهو اسمك شفتى الجواز" " يا بنتى يعنى ايه مش مرتحاله بكره تتعودى عليه هو يعنى كل واحده متجوزه مرتاحه لجوزها هاتيلك حتته عيل وساعتها هتنشغلى ومش هتفكرى كتير".." انتى بتتأمرى ليه بكرة العرسان تقل وتقولى ياريت اللى جرى ما كان" .."وايه يعنى اكبر منك بعشرين سنة ياعبيطة ده هيدلعلك والراجل ميعبوش الا جيبه""
دى بس أمثله والباقى كتير جداا
أما المناسبات الاجتماعية فتصبح هما ثقيلا على الفتاة لأنها تعرف مسبقا ما ستتعرض له من نظرات مشفقه ومصمصه شفاة ودعوات بان ربنا يصلح حالها وكأن صلاح الحال لا يتم الا بالزواج وعليها أن تحاول أن تتماسك فترد عليهم بابتسامة باهته مشفوعه بكلمات مقتضبة مثل "شكرا يا طنط، آمين، ربنا يعمل اللى فيه الخير، كل شىء بأوان وغيرها"
ومن وقت لأخر ستتعرض لجهالة البعض ممن يظنون أنها أصبحت مريضة نفسيا فهى حاسدة أو حاقدة على كل فتاة صغيرة تزوجت وربما أحجموا أن يحكوا لها تفاصيل الخطوبة علشان المسكينة مش عايزيين يجرحوها أو مراعاة لحالتها النفسية
أما السيدات المتزوجات فمن وقت لأخر سيرمونها ببعض التعليقات اللذيذة " يا بنتى دى أحلى أيام حياتك الجواز كله قرف دا أنا جوزى مطلع عينى بلا هم دا أنا بحسدك على اللى انتى فيه"...واذا أجادت فى عملها " يا بنتى انتى فاضية بكرة لما ربنا يكرمك وتتجوزى ويبقى عندك عيال مش هتلاقى وقت للى انتى بتعمليه فبلاش تحبكيها قوى" ولو أبدت رأيا فى العلاقة بين الزوج والزوجة فسيكون التعليق كالآتى " انتى بتتكلمى كلام نظرى بكرة تشوفى مهو اللى ايده فى المية مش زى اللى ايده فى النار"
لقد كنت هناك وعرفت كيف يسىء مجتمعنا للفتاة التى تأخرت فى الزواج ويعتبرونها كائنا فضائيا غير مرغوب فيه من البعض ومثار شفقة البعض الأخر أو مريضة نفسيا من كتر ما عاشت بمفردها
أما المدافعين عن حقوق المرأة فهو يسيئون لها أيضا عندما يتحدثون عن استقلالية وحرية المرأة وعدم حاجتها للرجل وكأن الزواج فقط هو وسيلة لكفالة المرأة ماديا أو هدما لاستقلالها ومحوا لشخصيتها
أما المنصفون فهم قلة قليلة ممن يدركون أن كل شىء بقدر وأن فى السماء رزقكم وما توعدون وأن التأخر له أسبابه التى لا تجعل من الفتاة متهمه فالتأخر فى الزواج ليس وصمة عار ولا تهمه تضطر أن تنفيها عن نفسها وتظل تسوق الأسباب والمبرارت
عزيزى القارىء اذا كنت ممن يسىء لهؤلاء الفتيات من حيث لا تدرى فاستحلفك بالله أن تضع نفسك مكانها وترحمها من تعليقاتك واتهاماتك ومقترحاتك وأن تهتم بشأنك الخاص فمن حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه
ولكل فتاة لم تتزوج بعد لا تدعى المجتمع يضعك فى خانة المظلومة أو المسكينة أو المريضة نفسيا أو المتهمه ولا تدعيهم ينجحون فى أن يجعلوكِ تتزوجى بمن لا ترتضيه لنفسك فالرزق متعدد وهو ليس فقط فى الزواج ولا أحد سيدخل معكِ التجربة ولا أحد سينفعكِ اذا اخترتى اختيارا خاطئا فستكونين وحدكِ ليس معك الا الله فتمسكى بمبادئك وعيشى حياتك ولا تنسى الدعاء فأحيانا يكون الرزق مشروطا بالدعاء
كونى قوية وانظرى الى ما أعطاكِ الله من نعم وابتسمى من جهالتهم ..الزواج مهم ولكنه ليس السبب الوحيد للسعادة فى هذه الحياة

الاثنين، مارس 01، 2010

إلى هؤلاء

  • نقيب الأطباء: إعلانك عن جمع الزكاة لشباب الأطباء هو دليل عجزك عن تحمل مسؤولياتك كنقيب، من فضلك كفانا مهانة .....استقيل واتركها لمن يستطيع أن يقوم بواجبه لتحسين أحوال الأطباء فنحن نحتاج لنقيب يدافع عن حقوقنا ويحفظ لنا كرامتنا
  • أحمد شوبير ومرتضى منصور: لا أعرف حقيقة أيكما يعد الرمز لغياب أدبيات الخلاف ولكننى فى كل الأحوال أتمنى أن ينال كل منكما ما يستحقه بالفعل
  • د.البرادعى: أتمنى لك النجاح ولا أستطيع أن أتصور كيف ستسير الأمور اذا نجحت فى تغيير المادة الملعونة فى الدستور والتى تحكم علينا بحكم أبدى للحزب الوطنى و ربما لعائلة مبارك ..ربنا يحفظك من المافيا الحاكمة يادكتور
  • كل من يكتب أو يعلق فى المدونات: رفقا بالأخرين ..ليتنا لا نجرح بعض لا بطريقة مباشرة ولا حتى بالتلميح ...دخلنا فضاء المدونات لنخلق لأنفسنا عالما نظيفا خاليا من التلوث بكل أشكاله فاذا بنا نجد من يصر على النيل من الأخرين ...لماذا ؟؟؟ ..قف وضع نفسك فى مكان الأخر قبل الاقدام على تجريحه
  • إلى كل من يعتبر أنه لن ينجح إلا على حساب الأخرين: فى النجاح متسع للجميع هذه حقيقة
  • كل زوار مدونتى : لكم خالص احترامى وتقديرى ولكلماتكم التى تنير المدونة

الخميس، فبراير 25، 2010

الحب غير المشروط

هل يمكن أن يوجد مثل هذا الوصف للحب فى العلاقة الزوجية بمعنى
- هل اذا اكتشف الزوج/الزوجة ان شريكه به صفات لا يحبها ولم يكتشفها الا بعد الزواج هل يظل يحبه بنفس الدرجة أم لا؟
- هل يكون الحب غير المشروط دافعا للشريك كى يتغير إلى الأفضل أم أن هذا لا يحدث عادة فى الواقع؟

الخميس، فبراير 04، 2010

Be selfish

she's been crying all day in an on/off manner. she doesn't even know why she's crying, is it because he didn't call her all day long? she knows how stubborn he can be even if he's wrong he'll never admit it. she feels so lonely without him but she also feels she's not her self when he's around. He criticizes her all the time and for him everything she's doing is not right.she's always afraid of what he'll react to this and what he'll say about that. she bought him a new toothbrush but she never get it out of the drawer, it might not be the brand he's using, can you imagine that. After being tired of crying she decided to stop and do something that might change her mood. she just wanted to give her mind a break. she prepared a nice cup of coffee and got a piece of dark chocolate and sat in front of TV, Meg Rayan her favourite star was playing a role in a film called "the woman". The nice thing about the film is that there was no men in it. all were women, which was very good for her mood.Meg Rayan was playing a role of a wealthy wife who discovered that her husband is having an affair, she thought she did everything to make him happy but this wasn't just enough for him. Another woman advised her" be selfish, ask yourself who are you? and what do you want?". It appaers that we as women shouldn't give everything without stopping just to ask ourselves what we take in return. Men tend to take things you do as granted and they turn you into something they use to achieve their goals. After watching the film she realized why she's crying. Maybe she loves her husband but they lack a common vision and he's so selfish that he never stop to accept her as she is, he wants to turn her into someone else. with time she won't be a free spirit as she always felt.
أعتذر لقرائى عن الكتابة باللغة الانجليزية ولكنه ما أردت أن أفعله وأنا اليوم أريد أن أشعر بأنى حرة أفعل ما أريد وأكون كما أريد. أنا أحب لغتى العربية ولا أتجاهلها أبدا كما اننى خريجة مدرسة عربية حكومية عادية ولكنها مجرد خاطرة فأرجو أن تتقبلوها منى

الثلاثاء، فبراير 02، 2010

التدوين

بماذا يمكنك أن تصف عالم التدوين؟
1. الديمقراطية التى نفتقدها فى عالم الواقع
2. نوع من الفوضى الخلاقة
3. عالم لا يكذب ولكنه يتجمل
4. أخرى (صفها بكلماتك )
فى انتظار اجابتكم
(التى أرجو أن تكون حرة بدون أية تحفظات)

الجمعة، يناير 29، 2010

لماذا؟

افتح المدونة وأحاول الكتابة؟
لماذا؟
لا أجد الشجاعة لأقول أنه لم يعد لدى ما أقوله
لماذا؟
لا أستطيع أن أرحل بهدوء
لماذا؟
لا أستطيع أن اعبر عما يدور بداخلى الآن
لماذا؟
أشعر بأن الرتابة تسرق منى الحماس ويتسرب الياس إلى سراديب عقلى ليعشش فيها
لماذا؟
أستيقظ كل صباح وأنا لا أشعر الرضا عن نفسى ولا عما أنجزته
لماذا؟
أشعر دائما بأن قدراتى لم أٌحسن استغلالها
لماذا؟
لا أستطيع أن أخطو خطوة واحدة للتغيير وقد حان أوانه
لماذا؟
أعاود ترديد الأسئلة مرة بعد مرة دون أن أجد إجابة

الأربعاء، يناير 20، 2010

وليه لأ؟

لو جه ابنك أو بنتك وقالولك نفسى فى يوم من الأيام أكون رائد فضاء وأطلع القمر ..يا ترى هتقوله ايه؟

هتقوله انت بتحلم زى ما كتير بنقول لبعض لغاية ما ارتبطت العبارة عندنا بمعنى استحالة تحقيق الأحلام
وليه مستحيل؟؟
وليه دايما بنحبط بعض بدل ما نشجع بعض؟
وليه منقولش وليه لأ؟
كل واحد فينا مولود بقدرات ومواهب تخلى تحقيق أحلامه ممكن والفرق بينا هو مدى تمسكنا بالحلم أولا ثم العمل على تحقيقه
ليه مش بنشجع بعض؟ وليه مش بنثق فى نفسنا وفى قدراتنا؟
ليه مش بنفكر فى التخطيط و الخطوات اللازمة علشان نحول الحلم لحقيقه بدل ما نفكر فى الصعوبات اللى بتخليه فى نظر البعض مستحيل؟
-------------------------------
مبروك
تهنئة لروفى حبيبتى لزواج أختها
"بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما فى خير"
---------------------------------
لأول مرة اكتب تعليق على رسالة ببريد الأهرام ووقعتها باسم جنة ولم أكن أظن انها ستنشر ولكن حدث ونشرت
-------------------------------
شارفت على الانتهاء من كتاب "بنك الفقراء"
الكتاب ممنع فى كل فصوله ويقدم تجربه ثريه لأستاذ جامعى رفض أن يكون علمه مجرد نظريات يقوم بتدريسها فأراد أن يحوله إلى علم ينتفع به ..الكتاب يقدم حلولا غير تقليديه لمشكله الفقر ...مؤلف الكتاب هو محمد يونس الحائز على جائزة نوبل
طبقا لتجربة المؤلف والتى بدأت من وطنه بنجلاديش فان الخروج من دائرة الفقر ممكن وليس معنى كون الانسان ولد فقيرا فانه ولد بلا مواهب ولا قدرات ولكنه يحتاج أحيانا إلى من يشجعه على أن يستغل هذه القدرات ويثق بها
كم لدينا من أساتذه فى الاقتصاد والاجتماع وما زلنا حتى الآن نعانى من عدم وجود حلول منهجية تتعامل مع الفقر فى بلدنا فلكل بلد خصوصية
لقد بدأ بنك الفقراء بفكرة غير تقليديه وهى تقديم قروض متناهية الصغر لمساعدة الفقراء وأغلبهم من النساء على بدء مشروع خاص وتوسع البنك حتى شمل جميع أنحاء بنجلاديش وتدل الدراسات والأرقام أن الفقير الذى يقترض بدون ضمان فانه يبادر إلى سداد القرض أكثر من الغنى فان نسبه السداد تبلغ 99%
ربما تناسبنا الفكرة أو لا تناسبنا ولكن بالتأكيد هناك من يملك الحل فى عقله ولكننا نحتاج إلى أن نستمع إلى أفكار مختلفه
نحن فى بلد يطبق قانون السذاجه والذى ينص على انه من السذاجه أن تفعل الشىء نفسه بالطريقه ذاتها فى كل مرة ثم تتوقع أن تعبر من الفشل إلى النجاح
إن الحكومات المتعاقبه فى مصر تكاد تفكر بنفس الطريقه وترفض الاستماع إلى أى فكر مخالف
اننا نحتاج إلى تغيير الفكر ..نحتاج إلى عقليات تربط بين النظرية والواقع و تنزل إلى الناس لتتعرف على مشاكلهم ..ماذا يعرف هؤلاء عن حياة الفقراء..وماذا يعرفون عن معاناتهم ؟؟....كيف يدعون قدرتهم على حل مشكلة لا يفهمونها أصلا؟؟

أنصحكم بقراءة الكتاب فهو كتاب جاد ممتع بحق

الجمعة، يناير 15، 2010

عودة تركيا

كثرت اعتذاراتى عن الغياب وفكرت فى اغلاق المدونة لكنها الخيط الذى يربطنى بكم ولا أريده أن ينقطع فربما أعود
إلى جميع الأصدقاء افتقدكم كثيرا ولكنى لا أنساكم أبدا
هذا المقال انشره بناء على طلب العزيزة someone in live واعتذر عن تأخرى فى نشره

عودة تركيا
بقلم د. راغب السرجاني


قلَّ أن يمرَّ يوم الآن ولا تجد ذكرًا لتركيا في وسائل الإعلام، وهو عادة ما يكون ذكرًا إيجابيًّا فعَّالاً، يُثبت بما لا يدع مجالاً للشكِّ أن تركيا قد عادت – وبقوة- إلى ساحة العمل الإسلامي، بل لا نبالغ إن قلنا: إنها أصبحت مرشَّحة بشكل واضح لقيادة القاطرة الإسلامية.

وليس الكلام الذي نذكره الآن كلامًا عاطفيًّا متأثِّرًا برؤيتنا لحكومة إسلامية تقود البلد، ولكنه مشاهدات حقيقية، وأرقام دقيقة، وإحصاءات جادَّة، وملامح واضحة، وكلها يصب في النهاية في حقيقة أن الأتراك عائدون بقوة، وقد لاحظ ذلك القريب والبعيد، والصديق والعدو، بل إن الجميع يُراهن على الحصان التركي، بما في ذلك الأمريكان والروس واليهود والعرب.
إنها عودة مباركة.. فأهلاً بالأتراك!!

ولنراجع معًا بعض الملاحظات المهمة على الوضع التركي في خلال السنوات السبع السابقة، أي منذ تولي حزب العدالة والتنمية بقيادة العملاق أردوجان قيادة الأمور في البلد المسلم العريق..

رجب طيب أردوجان رئيس وزراء تركيا
أولاً: لعلَّ أكثر ما لفت أنظارنا في خلال السنوات الأخيرة هو الموقف التركي الصلب والواضح من الملف الصهيوني في فلسطين.. لقد استطاع القادة الإسلاميون الأتراك أن يتركوا أثرًا إيجابيًّا هائلاً في نفوس الشعوب الإسلامية، على الرغم من العلاقة التاريخية القوية بين تركيا والكيان الصهيوني، وظهر ذلك في تصعيد متدرِّج متميز، يدلُّ على أن السياسيين الأتراك يُديرون الأزمات باحترافية عالية وبفهم عميق..
لقد رحبت تركيا ترحيبًا رسميًّا واضحًا بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، وهي بذلك لا تتحدَّى الكيان الصهيوني فقط، بل تتحدَّى القوى الدولية المختلفة وفي مقدمتها أمريكا، بل إنها استقبلت قيادات حماس على الأراضي التركية في مباركة لم نَرَ لها مثيلاً في كافة الدول الإسلامية..

واستمرت التعليقات التركية الإيجابية لنصرة القضية الفلسطينية، حتى وصل الأمر إلى ذروته في حرب غزة الأخيرة، وكانت تعليقات الحكومة التركية قوية وواضحة، واتهمت الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم وعربدة، وسمحت الحكومة التركية للشعب التركي بإقامة الأنشطة التي تساند الفلسطينيين، فتحولت المدن التركية المختلفة إلى ساحات تشهد فعاليات بنَّاءة لخدمة القضية الفلسطينية، وتَصَاعَد الموقف أكثر، حين رأينا العملاق أردوجان يثور على الرئيس الصهيوني شيمون بيريز في مؤتمر دافوس، ويُسْمِعه ما لم يتوقَّع سماعه

ثورة أردوجان على شيمون بيريز في منتدى دافوس
أبدًا من زعيم مسلم، بل وصل الأمر في الشهر الماضي (أكتوبر 2009م) إلى أن تُلْغِيَ تركيا مناورات عسكرية كبيرة، كانت ستُجرى على أرضها بعنوان: "نسر الأناضول"، وبمشاركة دول حلف شمال الأطلسي وفي مقدمتها أمريكا؛ وذلك لاشتراك الطائرات الصهيونية في هذه المناورة، وقالت تركيا بوضوح: "لا نُريد مشاركة الطائرات التي قصفت الأطفال والأبرياء في غزة". كل هذا دعا رون بن يشاي – وهو أحد أبرز المحللين العسكريين الصهاينة- أن يقول: "الحقيقة المرَّة أنه علينا أن نعترف أن تركيا - في الوقت الراهن على الأقل- تَوَقَّفت عن أن تكون شريكًا استراتيجيًّا أمنيًّا موثوقًا لإسرائيل، وهي حقيقة تمثل -أصلاً- ضررًا فعليًّا لأمن إسرائيل القومي".

العلاقات التركية السورية
ثانيًا: بدأت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية سياسة عجيبة خاصَّة جدًّا بتركيا، تستحقُّ كلَّ إعجاب وتقدير؛ وهي سياسة "تصفير النزاعات"!! أي: الوصول بالنزاعات إلى درجة الصفر؛ بمعنى التغاضي عن ميراث كبير من الكراهية مع بعض دول الجوار، والعمل على بدء صفحة جديدة تجعل من تركيا مكانًا آمنًا مقبولاً عند عامَّة الناس، وليس مكانًا مليئًا بالمشكلات والأزمات.
ولعل من أهم نتائج هذه السياسة العجيبة أن أذابت تركيا الجليد الذي بينها وبين سوريا، ووصل الأمر إلى إلغاء التأشيرات بين البلدين؛ فأصبح ممكنًا للسوري أن يذهب إلى تركيا، والعكس كذلك لمدة تسعين يومًا دون احتياج لتأشيرة زيارة، وهذا تَقَدُّم مذهل في علاقات تركيا وسوريا، بل إن سوريا طلبت من تركيا -في العام الماضي (2008م)- أن تتوسَّط بين بشار الأسد وأولمرت في المباحثات، حدث هذا بالفعل لولا أن المباحثات تدهورت؛ نتيجة حرب غزة الأخيرة..بل أعجب من كل ذلك أنه بعد إلغاء المناورات العسكرية مع حلف شمال الأطلسي، قامت تركيا بإجراء مناورات مشتركة مع القوات السورية في تحدٍّ صارخ للكيان الصهيوني.وليت سوريا فقط هي المعنية بسياسة تصفير المنازعات، بل فعلت تركيا ذلك -أيضًا- مع دولة ذات تاريخٍ عدائي كبير لها، وهي دولة أرمينيا! فعقدت معها اتفاقًا تاريخيًّا؛ يقضي بفتح الحدود بين البلدين، وهو خطوة لم يكن يحلم بها أشدُّ المتفائلين على الساحة السياسية..
وقامت تركيا كذلك بتحسين علاقتها جدًّا مع اليونان؛ في محاولة جادَّة لإذابة الجليد في ملف قبرص الخطير، والذي تتنازعه تركيا واليونان منذ فترة طويلة جدًّا..

ثالثًا: لم تكتفِ تركيا بالتعامل مع دول الجوار فقط، بل بدأت تمدُّ يد التعاون والمساعدة إلى الكثير من دول العالم الإسلامي، واهتمت تركيا كثيرًا بالدول الإسلامية المتحررة من الاتحاد السوفيتي؛ مثل: كازاخستان، وأوزبكستان.. وغيرهما، فأقامت معها علاقات قوية، واهتمت بإنشاء المدارس هناك، وتفعيل العديد من المشروعات الإنتاجية، وفي ذكاء شديد لم تَسْتَعْدِ روسيا في هذه المناطق؛ بل دخلت إليها على أنها شريك للروس في التعامل مع هذه الدول، وليست منافسًا لها، بل إنها عززت من تعاملها الاقتصادي مع روسيا (المحتل السابق لهذه الدول)، حتى أصبحت روسيا هي الشريك الاقتصادي الثاني لتركيا (بعد الاتحاد الأوربي)؛ حيث تبلغ المعاملات الاقتصادية بين البلدين أكثر من 25 مليار دولار..

الأتراك ونصرة الإيجور
وكلنا شاهدنا الموقف التركي القوي من الصين، في تعدياتها على الإيجور المسلمين في إقليم التركستان الشرقية المحتل من الصين، ونشاهد كذلك وقوف الأتراك إلى جانب أذربيجان؛ مع أن غالبية الشعب الأذربي من الشيعة وليسوا من السُّنَّة، ولكنهم احتاجوا مساعدة تركيا بعد أن تخلَّت عنهم إيران، بل ووقفت إيران مع عدوهم الأرمني ضدهم!

تتوقف المعاملات التركية المتنامية مع العالم الإسلامي عند هذا الحدِّ، بل تجاوزت ذلك إلى معظم دول العالم الإسلامي، وكلنا نتابع الرحلات النشطة التي يقوم بها الثلاثي التركي؛ رئيس الوزراء أردوجان، ورئيس الجمهورية عبد الله جول، ووزير الخارجية أوغلو.
رابعًا: لم يُهمل الأتراك الأوضاع الداخلية بسبب اهتمامهم بالمعاملات الخارجية، بل على العكس لقد نقلوا بلدهم نقلة نوعية خلال هذه السنوات الأخيرة، ولعل تركيا هي البلد الإسلامي الوحيد (بالإضافة إلى ماليزيا) التي شهدت انتخابات لم يُطعن فيها بالتزوير، وهي من البلاد النادرة في العالم الإسلامي التي تختار رئيسها بإرادتها!

وغير الواقع السياسي فهناك طفرات هائلة في حياة الناس، ويكفي أن تُقارَن إسطنبول قبل وبعد حزب العدالة والتنمية، فقد صارت مدينة تضاهي وتنافس وتسبق الكثير من المدن الأوربية، وفوق ذلك فقد سمعنا عن مشاريع وتطويرٍ للمدينة خلال الشهور القادمة، تتجاوز قيمتها 450 مليار دولار!!
إن الأوضاع تزداد استقرارًا في داخل تركيا بشكل ملحوظ، ولعلَّ أبرز هذه العلامات أن الحكومة التركية الإسلامية تجرَّأت على حلِّ مشكلة الأكراد المزمنة، وبدأت تمدُّ اليد للمصالحة، وبدأت تهتم بمناطق أغلبيتهم؛ ليبدأ ضوء الاتفاق والوحدة يظهر للمرَّة الأولى، بعد فشل كل الحكومات السابقة في التوفيق بين مصالح الأتراك والأكراد، وها نحن قد رأينا في أكتوبر 2009م الجماهير التركية تستقبل 34 من أنصار حزب العمال الكردستاني، القادمين من العراق بعد إنهاء تمردهم، واستسلامهم للجيش التركي، ثم إطلاق سراحهم، في بادرة ستُوقف -إن شاء الله- نزيفًا طويلاً لدماء المسلمين من الأتراك والأكراد على حدٍّ سواء..

خامسًا: تحسُّن الاقتصاد التركي بصورة مذهلة في زمن حزب العدالة والتنمية الإسلامية؛ فقد قفز الناتج القومي الإجمالي من 300 مليار دولار سنة 2002م إلى 750 مليار دولار سنة 2008م، أي بزيادة تساوي 150%، وبمعدل نموٍّ وصل إلى 6.8%، وهي نتائج عجيبة يُدرك قيمتها رجال الاقتصاد..

ولم ينعكس ذلك على الدولة فقط، بل شعر به المواطن العادي؛ فقد قفز معدَّل الدخل الفردي السنوي للمواطن من 3300 دولار في سنة 2002م إلى حوالي 11.000 دولار في سنة 2008م، يعني ذلك أن الأسرة المكوَّنة من خمسة أفراد، يُصبح دخلها السنوي خمسة وخمسين ألف دولار في المتوسط، وهي زيادة لم يكن يتخيلها الأتراك في هذه المدَّة المحدودة..

لقد صار الاقتصاد التركي هو الاقتصاد السابع عشر في العالم؛ مع أن تركيا دولة قليلة الموارد، ولِلْعِلْمِ فإن تركيا بهذا الترتيب تسبق كل دول المنطقة في اقتصادها، بل إنها تسبق السعودية (المركز الـ23) وتسبق الكيان الصهيوني (المركز الـ40)، وليست من دول النفط أو الغاز؛ لكنها بَرَكَةُ العودة إلى الإسلام، ولقد قفزت صادرات تركيا من 30 مليار دولار سنة 2002م إلى 130 مليار دولار سنة 2008م، ومعظم هذه الصادرات من الصناعات وليست من الموادِّ الخام، وتُباع نصفُ هذه المصنوعات في الأسواق الأوربية مع شدَّة المنافسة هناك، بينما يُباع النصفُ الآخر في أكثر من 180 دولة من دول العالم!

الجيش التركي أقوى الجيوش الإسلامية
سادسًا: لا ريب أن الجيش التركي هو أقوى الجيوش الإسلامية الآن، بل إنه لا يُقَارَن بالجيوش الإسلامية، فهو ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ثامن أكبر جيش في العالم، وهو أكبر من الجيشين البريطاني والفرنسي مجتمعين! ومع أن معظم أنظمة التسليح في هذا الجيش الكبير أمريكية الصنع، إلا أنَّ الحكومة الجديدة بدأت تُنَوِّع مصادر سلاحها؛ فبدأت في الاعتماد على أنظمة أخرى بديلة؛ مثل: ألمانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وروسيا..

سابعًا: يعيش على أرض تركيا شعبٌ من أفضل شعوب المسلمين، وهو الشعب التركي الأصيل، الذي له الكثير من الأيادي البيضاء على الأمة الإسلامية، وحامل راية الجهاد لقرون متتالية، وهو شعب يتميز بحميَّة إسلامية عالية، وبرُوح إيمانية رائعة، ويكفي أنه مع كل التغريب والعلمنة -التي قام بها أتاتورك وأذنابه- ما زال إلى الآن متمسِّكًا بالإسلام بهذه الصورة الراقية..

والشعب التركي شعب كبير؛ حيث يصل تعداد السكان هناك إلى 76 مليون نسمة، وهي بذلك الدولة رقم 17 على العالم من ناحية تعداد السكان، وهي الدولة الثانية في أوربا بعد ألمانيا (80 مليون نسمة)، وتسبق فرنسا (60 مليون نسمة)، وبريطانيا (58 مليون نسمة)

وهو كذلك شعب نشيط وحيوي؛ وتبلغ القوة العاملة في تركيا 23.5 مليون نسمة، كلها يدفع إلى مزيدٍ من الإنتاج والتطور؛ فأصبح ذلك العدد الكبير للسكان دافعًا للتقدُّم والازدهار والعلوِّ، وليس سببًا في التضخُّم والعجز، كما يحدث في بعض البلاد الأخرى، التي تَعتبر زيادة السكان كارثة؛ لأنهم يأكلون ويَتَمَتَّعُون ويُلْهِيهم الأمل، ولا يعملون!
والشعب التركي شعب متحرِّك فيه رُوح المغامرة؛ ولذلك فقد ساح منذ زمن في ربوع أوربا، ونشر الإسلام قديمًا بالفتوحات، وحاليًا بالاستيطان والهجرة والعمل، ويكفي أن تعلم أن ألمانيا فقط تضم بين ربوعها أكثر من مليوني تركي، نشروا الإسلام، وبنوا المساجد والمراكز والمنتديات، وأَثَّرُوا بشكل ملموس على مسيرة الحياة في أوربا.

ثامنًا: تقف تركيا بموقفها الجغرافي الفريد كبوَّابة غربية للعالم الإسلامي أمام أوربا العتيدة، وهذا الموقع الاستراتيجي الخطير يُحَمِّلُها الكثير من المسئوليات؛ سواء في نشر الإسلام، أو في الدفاع عنه، أو في الدخول في كل المعادلات السياسية والعسكرية والحضارية التي تتمُّ بين الشرق والغرب، فلا غنى للمسلمين عن تركيا، ولا غنى للأوربيين والأمريكان عنها، وكذلك لا غنى للروس عن الدولة نفسها، بل لا غنى للكيان الصهيوني عن وضع آليات مُعَيَّنَة للتعامل مع هذه الدولة شديدة الأهمية.

اتساع الإمبراطورية العثمانية
تاسعًا: من أهم عوامل قوة تركيا عمقها التاريخي الأصيل، الذي يُذَكِّرُنا بالإمبراطورية العثمانية العملاقة، التي حملت لواء الإسلام ستة قرون متتالية؛ وهي بذلك أطول خلافة إسلامية حكمت المسلمين، ووصلت في زمن عظمتها إلى حُكْمِ أكثر من 20 مليون كيلو متر مربع، وبلغت حدودها من الجزائر في إفريقيا إلى إيران في آسيا، ومن النمسا في وسط أوربا إلى اليمن في جنوب الجزيرة، وحولت البحر الأبيض المتوسط إلى شبه بحيرة عثمانية، وكانت تُقَاتِل في آنٍ واحد الجيوش الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والبرتغالية، إضافة إلى قتال الصفويين الشيعة المتَّحِدِينَ مع البرتغاليين!

إن الحكومة الإسلامية الجديدة التي تحكم تركيا تفخر بعمقها التاريخي العثماني، ويُحِبُّون أن يُطلقوا على أنفسهم العثمانيين الجدد، وهو شرف كبير أعلى بكثير من الانتماء إلى حضارات جاهلية بائدة؛ كالحضارات الفينيقية والآشورية والفرعونية والحميرية.. إنه انتماء إسلامي يُضيف إلى قوة تركيا إضافة باهرة؛ تدفع بالأتراك إلى مقدِّمَة المسيرة.
عاشرًا: كل هذه النقاط السابقة تأتي في ظلِّ ضعفٍ عربي ظاهر، وتخاذلٍ في كثير من القضايا، وعلى رأسها قضية فلسطين، بل ويظهر العرب توجُّسًا - بل رعبًا- من النمو الإيراني الشيعي، وليس لهم حلٌّ في مواجهة هذا المدِّ الشيعي -خاصة بعد سقوط نظام صدام حسين العراقي- إلا الاعتماد على تركيا السُّنِّيَّة- ليس من منطلق الدين؛ فمعظم الأنظمة العربية علمانية، ولكن من منطلق التوازنات السياسية في المنطقة.. والأتراك يُدركون هذا الدور جيدًا، ولا يتجاهلون تاريخهم الطويل في الدفاع عن السُّنَّة ضد الأحلام الصفوية الشيعية؛ ولذلك يُعَلِّق عليهم أبناء العالم الإسلامي آمالَ الوقوف أمام التغلغل الشيعي المؤَيَّد بالأنظمة الغربية..

وفوق ذلك فالأتراك الجدد يحاولون بكل جهدهم أن يُزيلوا ميراث الكراهية والعنصرية الموجود بين العرب والأتراك، وقد وصل جهدهم إلى أنهم الآن يَسْعَوْنَ إلى نشر اللغة العربية - وأُكَرِّرُ العربية- وليس التركية في مناطق كثيرة من العالم؛ مثل: أوزبكستان، والتركمنستان، وطاجكستان، بل إنهم أصدروا مجلة إسلامية راقية اسمها "حراء" باللغة العربية، وهي أول مجلة تركية تصدر باللغة العربية من أيام أتاتورك.
كانت هذه هي النقطة العاشرة، فتلك عشرة كاملة!
لكل هذه الأسباب وغيرها فإننا نتوقَّع لتركيا تقدُّمًا كبيرًا في خلال الأعوام القادمة، ونُعَلِّق عليها الكثير والكثير من الآمال، بل إننا نُلزمها بحمل الأمانة ورفع اللواء، والله معها، ومع كل مخلص يبتغي الرفعة لهذا الدين..
ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين..
بقلم د. راغب السرجاني