لأول مرة يدخل إلى هذا العالم الذى سمع عنه ولم يراه .. كل ما يعرفه أن بعض الكتب التى صدرت مؤخرا هى فى الأساس لمدونين ولكنه لم يفكر أبدا فى الدخول إلى أى من هذه المدونات.
وضع الرابط لتظهر أمامه صفحة زرقاء بلون السماء تتناثر فى أعلاها نجوم ..كان مظهر الصفحة مريحا للعين ...بدت وكأنها من اختيار فنان يجيد مزج الألوان
وضع الرابط لتظهر أمامه صفحة زرقاء بلون السماء تتناثر فى أعلاها نجوم ..كان مظهر الصفحة مريحا للعين ...بدت وكأنها من اختيار فنان يجيد مزج الألوان
وبدأ فى القراءة.... تعجب من العنوان فلا يبدو تقليدا
فى حقول الأرز
ذهبنا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع عند جدى فى الريف..خلف البيت تبدو حقول الأرز كما لو كانت بلا نهاية ..كانت الساقية القديمة مازالت هناك فجميع المحاولات لاقناع جدى بازالتها فشلت فهو يتمتع بصوت المياه المتدفق و يستعيد عبق الماضى الذى لا يريد أن ينساه ..ما زلت أتذكر كيف كان يأخذنى الى هناك و يمد يده ليأخذ بعض المياه ثم فجأة ينثرها على فأجرى بعيدا نحو الحقول...يظل يتابعنى حتى أعود اليه ونظل نكرر اللعبه بلا ملل حتى تأتى جدتى لتشير لى أن هذا يكفى.
اعتدت فى كل زيارة أن أصحو فى الفجر لأتنسم نسماته الأولى التى تحمل لى رائحة النقاء. أخرج لأمتع عينى باللون الأخضر وأتأمل الشمس وهى تشرق فيخترق ضوئها جنبات نفسى ليمدنى بالدفء والأمل.
كل يوم جديد يعنى لى احتفالا بالحياة. كل يوم جديد يذكرنى أن الله أعطانى من النعم ما يفوق قدرتى على الشكرفقد نشأت طفلة سعيدة غمرها والديها بالحب.
اعتدت فى كل زيارة أن أصحو فى الفجر لأتنسم نسماته الأولى التى تحمل لى رائحة النقاء. أخرج لأمتع عينى باللون الأخضر وأتأمل الشمس وهى تشرق فيخترق ضوئها جنبات نفسى ليمدنى بالدفء والأمل.
كل يوم جديد يعنى لى احتفالا بالحياة. كل يوم جديد يذكرنى أن الله أعطانى من النعم ما يفوق قدرتى على الشكرفقد نشأت طفلة سعيدة غمرها والديها بالحب.
فى المرة الأولى التى سخر منى فيها الأطفال لأنى لست مثلهم عدت إلى البيت بعيون دامعة وقلب مجروح فضمنى أبى إليه ضمة طويلة ما زلت استشعر أمانها ودفئها حتى الآن ثم أجلسنى امامه ليحدثنى بلغتى الخاصة..
"كفى عن البكاء يا حبيبتى ..هم لا يستطيعون سماع صوتك لأنهم عاجزون عن سماعه..لكل مخلوق صوت ولكنه احيانا يخرج عن حدود قدرة البشر على السماع..جاء لى بحصيات كان يحتفظ بها منذ أن أدى فريضة الحج..وقال لى ان مثل هذا الحصى يسبح وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع تسبيحه فى يديه الشريفتين..ثم جاء بالمصحف وفتحه ..هو يحفظ مكان كل آية ..قال لى أن النملة قد تكلمت ففهم كلامها سيدنا سليمان ولم يستطع بشر بعده أن يفعل"
كانت أمى تراقب الموقف بعيون مشفقه ويخيل لى انها حاولت أن تخفى عنى دموعها
ابتسمتُ وتوقفت عن البكاء عندما ذكر أبى النملة ..فتابع حديثه
صوتك يا صغيرتى يصدر من قلبك وعقلك فيصل إلى قلبى وعقلى مباشرة فلا أحتاج لأذنين حتى اسمعه ..أنا وأمك نسمعك دون أن تتكلمى ..وتذكرى دائما أن كل من يحبك بصدق سيستطيع سماعك فلا تشعرى أبدا أن شيئا ينقصك..
لا أدرى كيف استطعت فهم هذه الكلمات وأنا بعد طفلة صغيرة ..ربما قالها لى بطريقة أبسط ولكنها حُفرت بداخلى وما زال عقلى يعيد صياغتها من وقت لأخر
لقد جعلتنى كلماته أحب نفسى وأحب وجودى فى هذا العالم بل أشعرتنى باننى متميزة.
غرسا والداى فى الشعور باننى طفلة طبيعيه بل كانا يقولان عنى اننى من ذوى القدرات الخاصة ..فعندى فراسة تجعلنى أفرق بين العيون الصادقة والكاذبة فلا يستطيع الناس خداعى كما يظن بعضهم.
كبرت يلفنى هذا الحب ويمنع عنى جهالة الجاهلين فهى شىء لا بد منه فى علاقات البشر..فاصحاب القلوب القاسية يرموننى بسهامهم من وقت لأخر فلا يحمينى منها الا هذا الحب.
اخرج الى حقول الأرز لتحدثنى نسمات الهواء وعيدان الأرز الخضراء وزرقة السماء الصافية كم أنا محظوظه..كان أبى إذا جاء المساء خرج معى إلى الشرفه لنتأمل القمر والنجوم فإذا رأى نجمة لامعة أشار لى أنى أشبهها ..دائما متألقه
علمنى منذ الصغر حب القراءة فكان يأتى بكتاب ويجلس بجانبى يطوقنى باحدى ذراعيه لنقرأ معا ..لم نكن نحتاج إلى الكلام فقد كانت تسرى بيننا اشارات الحب أما أمى فتقول عنى أننى أميرة خرجت لتوها من احدى المجلدات القديمة وان بى سرا خاصا لن يصل اليه إلا أمير وضع الله فى قلبه مفتاحا لكشف السر.
أمشى فى حقول الأرز اتلفت حولى لأطمئن اننى وحدى..أدور حول نفسى رافعه يدى فى الهواء ..أدور وأدور وأدور ثم أسقط على الأرض لأتمدد عليها أرقب زرقة السماء.
يكتمل شروق الشمس فأعاود المسير إلى بيت جدى أو قصرى فأنا كما تعلمون أميرة
انتهى من القراءة يغمره شعور غريب لم يستطع تحديده ...فهو خليط من سعادة وإحساس بمعنى أخر للحب ..لقد فتحت كلماتها فى قلبه بابا ظن أنه سيظل مغلقا إلى الأبد وتمنى لو كان معها فى حقول الأرز.
فى نهاية الكلمات وجد كلمة "تعليقات" فنقر عليها ففتحت أمامه صفحة جديدة وفكر هل يكتب لها تعليقا أم لا وإذا كان سيكتب ماذا سيقول لها ؟
......يتبع ان شاء الله
-----------------------------------
اللوحة بعنوان
"Joyful Stars1"
artist: Chidi Okoye
Nigeria