الأربعاء، نوفمبر 19، 2008

مذكرات أب (2) هكذا علمونى


أحمد
ما زلت أحاول التعامل مع حقيقة وجودك فانت الحلم الذى صار واقعا . يا بنى لقد أضاف وجودك إلى حياتى حياة. أصبحت أنت الصديق الذى أفتح له قلبى وعقلى ..ربما لأننى أريد أن أجنبك عثرات الطريق ولكن هل يتعلم الانسان بالكلمات أم أن ألم التجربة وفى أحيان قليلة فرحها هى معلمه الحقيقى.
لا أدرى كيف أتحدث إليك وأنت بعد مولود جديد ...مولود ..كلمة لم أتأملها من قبل، أنت القادم الجديد إلى هذا العالم لم تذنب بعد ، تحمل قلبا لا يعرف إلا الحب الفطرى النقى، تبكى لساعات فأنتظر أن تهدأ حتى أستطيع أن أركز على بعض الأعمال، وعندما تهدأ أترك العمل وأتسلل إلى فراشك ، أقف بجانبه لأتأملك ..أرى على وجهك الصغير ابتسامة، ربما يكون حلما سعيدا.


**********************

اليوم هو يوم الجمعة، أستعد للذهاب إلى الصلاة ، أرتدى ملابسى ثم بحركة لا إرادية أتحسس كتفى فأشعر بالألم ...آه يا بنى ..انه ألم الذكرى ولا أعرف لماذا تعاودنى تلك الذكرى بعد كل هذه السنوات
كنت قد اقتربت من عامى الثامن وكانت أمى حريصة على أن نذهب إلى صلاة الجمعة . كانت تحول اليوم إلى عيد حقيقي فلا بد أن تأتى لى بالحلوى فى طريق عودتنا وفى أحيان قليلة قد تشترى لى لعبة اذا توفر المال فأصبحت أحب اليوم وانتظر أن يأتى بفارغ الصبر.


فى هذا اليوم قالت لى
-عمر انت خلاص كبرت ولازم تصلى فى الجامع مع الرجالة، ايه رأيك؟
- بجد يا ماما ..
- طبعا بجد
وارتديت ملابسى وأخرجت أمى من خزانتها زجاجة من العطر
- دى كانت بتاعة بابا عنتها علشان لما تكبر
وحاولت أن تخفى دموعها فلم تستطيع أما أنا فقد كنت أشعر انى أطير، أسابق الطريق لأصل إلى المسجد فاليوم سأصلى مع الرجال

******************

وصلنا إلى المسجد وودعتنى أمى على الباب وهى توصينى بأن انتبه إلى ما سيقوله الإمام. لمحت مكانا شاغرا فى الصفوف الأولى وما ان وصلت الى هناك ووقفت فى الصف حتى دفعتنى يد قوية دفعة شديدة فتراجعت عدة خطوات حتى كدت أن أسقط من شدة الدفعة
- انت يا واد انت امشى صلى ورا ، ده مش مكان للعيال
ونظرت إلى من يصرخ فى وجهى فوجدته رجلا ضخما عابس الوجه ينظر إلى نظرة مخيفة ما زلت أتذكرها إلى الآن
وتألمت ألما شديدا ولم أستطع أن أصرخ أو أسأله لماذا ؟؟ وذهبت إلى أخر المسجد لأقف فى الصف الأخير
ولا أعرف كيف حبست دموعى وشعرت لأول مرة بمرارة اليتم، شعرت انى وحيد فى هذا العالم بلا سند ولا معين
انتهت الصلاة وخرجت من المسجد لأعود مع أمى وهى تلح على بالسؤال
- مالك يا عمر؟؟؟ايه اللى حصل؟؟؟
- ما انت كنت مبسوط...فلا أجيب الا بكلمتين ما فيش يا ماما
كنت رغم صغر سنى أشعر بالمسؤولية تجاه أمى فلا أحملها فوق طاقتها ولا أذكر أبى أمامها فكلما عاودتها الذكرى أجهشت بالبكاء

********************

وصلنا للمنزل واستأذنتها لأصعد لسطح المنزل لأراقب الحمام وفى الحقيقة كنت أبحث عن ركن بعيد لأبكى فيه دون أن يرانى أحد أو يسألنى عن سبب البكاء


وجلست فى ركن ظليل وأطلقت لدموعى العنان والأسئلة تتوالى على رأسى بلا إجابات
فلماذا رحل أبى وتركنا؟
هل كنت ولدا سيئا؟
هل أحبنى كما تقول أمى ؟؟؟
ولماذا لا يأتى الينا الأقارب إلا فى الأعياد؟؟
لماذا لا يأتى بى عمى أو خالى إلى الصلاة؟؟
لماذا لا يكون عمى مثل أبى وأكون أنا مثل أولاده؟؟؟
أحيانا أشتاق إلى أن يحتضننى أحدهم أو يربت على كتفى ليشجعنى وأظل أحلم باللحظة التى لا تأتى أبدااااا.....لماذا يظنون أن كل ما أحتاج إليه هو المال؟؟
ولماذا تردد دائما أمى اننا غلابة ملناش حد الا ربنا؟؟


لقد علمتنى يد الرجل انه ليس فى العالم مكانا للضعفاء
وأنه لا يجب أن أعتمد على أحد لحمايتى
يجب أن أكون قويا حتى أجد لى مكانا بينهم
اليتم هو نقطة ضعفى و نقصى الذى يجب ان اقضى بقية حياتى معه
ولكنى لن اظهر لهم هذا الضعف ولن أعيش فى مذلة وانكسار
هكذا كنت أفكر فقد كنت طفلا تلقى ضربة قاسية دون أن يفهم لماذا
لقد كانت دفعته لى لحظة فارقة

أصبحت بعد ذلك أذهب إلى صلاة الجمعة متثاقلا وأجلس فى ركن بعيد لا أتحدث إلى أحد ولا يبدو أن أحدا اهتم أن يعرف من أنا
وكنت أحاول أن أجد الأعذار كى لا أذهب ولكن أمى كانت تقول أنها وصية أبى أن تجعلنى أعتاد الصلاة
وكنت لا أريد أن أحزنها فأذهب فى النهاية ويمر الوقت بطيئا وما ان تنتهى الصلاة حتى اسارع فى الخروج

هكذا يابنى علمونى
وهذا ما لا أريده لك
كيف؟؟؟
ما زلت أبحث عن الجواب

أبوك الذى يحبك
إلى لقاء قريب يا صديقى الصغير
ان شاء الله
***********************


اذا كنت لم تكفل يتيما من قبل فربما قد آن الآوان
الكفالة لا تكون فقط بالمال
اذا لم تكن تملك المال فربما تملك ما هو أهم
قلبا حانيا يستطيع أن يكفل طفلا بالحب والرعاية والإهتمام
اذهب لأقرب دار للأيتام وستجد الكثير لتفعله
وعندها تأكد ان حياتك ستتغير وليس فقط حياة اليتيم
وجزائك عند الله أن تكون فى الجنة رفيقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أعظم يتيم .. من علمنا معنى الرفق والرحمة
صلى الله عليه وسلم




السبت، نوفمبر 15، 2008

عيد ميلاد مين؟؟؟

كيكى: عيد ميلاد دعاء يوم السبت
جنة: اممممممممم ...ايه رأيك نكتبلها حاجة؟؟؟
كيكى: فكرة هايلة
جنة : ابتدى انت
كيكى: بشرط انتِ تكملى
جنة: خلاص اتفقنا
وكتبنا وطلع الكلام زى ما هتقروه..لكن برغم بساطته الا انه بجد من قلبنا لأننا بنحب دعاء جداااا
دعاء أول من قابلت من أهل التدوين ..انسانه صريحة صادقة تهوى المواجهات
كل سنة وأنت بألف خير يا دودو
حقيقى بنحبك جداااااااااااااااا
والآن اليكم التحفة الشعرية من تأليف كيكى وجنة واكيد اللى عارف خفة دم كيكى هيقدر يميز كلامها
----------------------------------------------------------

كل سنة وانت منورة ليالينا يا قمر المدونات
دى دودو مواجهات ياما بتقول حاجات
صريحة واضحة ولا عمرها خافت من العووو ولا عمرها قالت ياما
دى بت جريئة الله اكبر محروسة من العين الف ماشاء الله

وياما و ياما خاضت مواجهات وصراعات
ولاعمرها كشت ولا عمرها بتخاف
بتحب مصر يا ناس حب فاق الحد
شوفها لما تبكى على شئ فى الوطن ضاع
كأن مصر أمها واخداها فى حضنها
وبتشكى على صدرها وتقول عايزين يبعوكِ ياما
مش هى برضة اللى صرخت وقالت متر الوطن بكام؟؟؟
دى دعاء السياسية أما دعاء البنوتة فدى بقى حدوته
روشة ونغشة وقطقوطة وقلبها زى الكتكوتة
اسمعها لما تكون أميرة بتكلم فارس الأحلام و تقول أحلى كلام

وهذا قلبٌ نابضُ
ما يعلو عنقى
دوماً.......ما
تحكمة الأسئلة

لما أتيت؟
لما أحببت؟

ولما رحلتَ بلا أجوبة؟؟

حتى فى الحب يا دودو عندك أسئلة
هو حتى الحب يا دودو فيه مواجهات
مش انت برضه اللى قلتى

قاضينى إن شئت الآن
قاضينى
أنى صدقتــــُك
قاضينى
أنى
ســـــــأمحتُك
مـــراتٍ ومــرات

قاضينى
فأنا للمقـــــاضاة
أهلٌ

لكن لاتغضب
إن فزت أنا
بالمقاضــــــــــــاه

دايما بتسابق بكرة وساعات بكرة مايلاحقهاش

وفى ذهنها دايما فكرة
وضرورى تكون مبتكرة والا متلزمهاش
عايشة جوانا بمواجهاتها ويارب يخليها لاحبابها
ولاعمرنا نتحرم من جرأتها ويارب يخليها لمامتها

اول ما شافت عينى من عالم التدوين
بنوته صغنطوطة لكن عقلها كبير

تفكرك بفراشة ملونة بتطير
حاول تمسكها تتعب حاول تواجهها تخسر
لان الحق دايما سلاحها وصاحبها دعاء ويقين
بستنى يوم فرحها همسكلها الطرحة
بس مين يا ناس يستاهل دى قمر المدونات
مين يقدر قلبها ؟؟
دلونى عليه يا ناس
اكيد فارس فى زمان قلت فيه الفرسان
مهى دودو أميرة
ولا أى أميرة
دى دودو
قمر المدونات

دودو نحن نحبك فى الله ونتمنى لك دوام التقدم
بيس يا دودو
وده لينك مدونة دعاء اللى يحب يقلها كل سنة وانت طيبة
http://mwaghat-dody.blogspot.com/

الخميس، نوفمبر 06، 2008

حبيبة

لوحة حبيبة هى مشاركة من الفنان خالد فرج فى البوست أشكره عليها ...اللوحة من الفن التجريدى منفذة باستخدام برنامج للديجتال أرت وسأضيف شرحه لها بعد البوست نفسه أما الآن فأتركم مع حبيبة
********************
(1)
جلست فى بهو الفندق مع أمى و بعض الصديقات
اقتربت منى طفلة أظنها فى السابعة من عمرها
ترتدى ملابس أنيقة شديدة النحول قمحية
نظرت مباشرة فى عينى
مدت لى يدها و قالت :كيفك؟
قلت: الحمد لله . اسمك ايه؟
تركتنى و كأنها لم تسمع أو سمعت و لم تفهم
مضت لتسلم على الآخرين
شعرت أن شيئا ما فيها غامضا
نادت عليها أمها حبيبة فلم ترد
جاءت أمها وأخذتها من يدها
من اللهجة عرفت أنهم ليسوا مصريين و لا سعوديين

(2)
أخبرتنى صديقة أن حبيبة ابنة الدكتور عبد الرحمن
طبيب أطفال شهير.....حاصل على الزمالة البريطانية
الجميع يحسدونه على الراتب الكبير و الشهرة
كان يعمل فى بريطانيا لسنوات طويلة
جاء و أسرته للحج فأسرتهم المدينة المنورة
عادوا للإقامة فيها بعد حصول الأب على عمل
رأيته يحاضر فى المؤتمرات ...تجاوز الأربعين بقليل
لغته الإنجليزية سليمة ...محاضراته مرتبه بعناية
يأخدك بكل سلاسة الى أحدث ما توصل إليه الطب فى مجاله
زوجته فى السادسة و الثلاثين
قمحية جميلة الروح و الملامح
لهم أربعة أبناء أكبرهم حبيبة

(3)
فى المساء و على العشاء كانت حبيبة ترتدى خوذة واقية
ظننتها ستركب دراجتها ثم عرفت السبب
بدأت الأمسية ... بعد قليل ارتجف جسد حبيبة
لم تعد الصغيرة تتحكم فى جسدها الذى أصابته التشنجات
قامت الأم بسرعة و فتحت حقيبتها و أحضرت جهازا صغيرا
مررته على جسد حبيبة فتوقفت التشنجات
ألجمتنا المفاجأة فلم نتكلم
وعندما أفقنا أخذنا نحمد الله على سلامتها و ندعو لها
مرت فترة لا أعرف كم طالت ثم تكررت التشنجات مرة أخرى
لم نستطع هذه المرة أن نتمالك دموعنا ..و بكينا
جاء الأب ..بدا حزينا شاردا عينه على ابنته
حاول أن يشارك الآخرين فى حديثهم
حاول أن يرسم على وجهه ابتسامة
آه من حزن الرجال
عندما عاودت حبيبه التشنجات للمرة الثالثة قام والدها إليها
يبدو أنه أقدر على استعمال الجهاز فلم تعاودها مرة أخرى

(4)
فى صباح اليوم التالى اجتمعنا حول حمام السباحة
كنا نتحدث عن حبيبة قالت صديقتى هل تعرفين كم عمر حبيبة ؟
قلت لا... قالت حبيبة عمرها الآن 14 سنة
كانت المعلومة صادمة
بالنسبة لى جسدها جسد طفلة فى السابعة
و عقلها ربما فى عمر أقل
قالت هل تعرفين أنهم خلعوا لها جميع أضراسها؟
قلت لا
جاءت أم حبيبة مع أطفالها
نزل اخوتها ليسبحوا و بقيت هى معنا
سلمت علينا كعادتها ثم اتجهت إلى حمام السباحة
لم تكن ترتدى خوذتها
أصابنا الخوف عندما اقتربت من الماء
قالت أمها دعوها لتلعب مسكينة
ظللت أراقبها...ماذا لو جاءتها التشنجات و هى فى الماء
قالت أمها لو اقتربت أكثر سأذهب اليها
كم هى عظيمة هذه الأم
كانت إحدى الأمهات تشكو من شقاوة أطفالها
فقالت لها أم حبيبة و هى لا تزال مبتسمة
لو عشت مع حبيبة لمدة أسبوع ماذا كنت ستفعلين؟
لم أر أم حبيبة إلا مبتسمة
لم أراها تعاملها إلا كطفلة طبيعية
لم تعتذر أبدا عن شىء فعلته حبيبة
لم تخجل من مرض ابنتها
و لم تجلس فى بيتها حبيسة الأحزان
هذه أم بألف ألف أم

(5)
بعد الظهر اجتمعنا فى غرفة إحدى الطبيبات
قامت إحدانا تصلى الظهر فى أحد أركان الغرفة
كانت حبيبة تنظر إليها و عندما انتهت من الصلاة
قالت حبيبة تقبل الله
ردت صديقتنا تقبل الله منا و منك واحتضنتها
جاءت إلىّ بجوال امها و أخذت تشير إلىّ فلم أفهم
قالت أمها تريدك أن تأخذي لها صورة
لم يكن فى الجوال كاميرا وحاولت أن أشرح لها فأصرت
فأخذت الجوال لألتقط لها صورة
أخذنا نتبادل الحكايات و نسينا حبيبة و لكنها لم تنسانا
أخذت طبق الحلوى من على المنضدة
أخذت تمُر علينا واحدة واحدة وهى تقول: تفضلى
تنظر فى عين كل واحدة منا و كأنها تعرفنا منذ سنوات

(6)
كانت المرة الأخيرة التى أراها فيها
وأنا الآن أكتب عنها فلا أتمالك دموعى
أنا لا أبكى شفقة و لا حزنا ولكنى أبكى شوقا و حبا لهذه الصغيرة
لقد عرفتها وأنا حزينة مهمومة
فاتنى شىء من أمور الدنيا فأدركت كم أنا تافهة و جاحدة لنعم الله
أعطتنى حبيبة فى يومين حبا خالصا
أشعرتنى بالحب دون أن تعرف من أنا
أنا بالنسبة لها إنسان... فقط إنسان
لا أظن اننى سأنساها ما حييت
لقد رأيت فيها الخير و الفطرة النقية
هى لا تعرف الشر و أظنها لن تعرفه أبدا
حبيبة أنا أحبك ....
----------------------------------------------
هذا البوست هو واقع عشته و إن اختلفت الأسماء و الجنسيات تظل المشاعر الصادقة هى القاسم المشترك بين البشر هو شىء بسيط أهديه إلى كل أسرة صابرة محتسبة .. محبة لابنها أو ابنتها هؤلاء الذين عرفوا معنى الحب الخالص و فقِِهوا معنى الابتلاء أدعو الله أن يكون موعدهم الجنة
--------------------------------------------
*البوست سبق نشره فى مدونتى همسات مصرية